قصه مسلسل الوتد وفيروس كورونا من سنة 1996م

قصه مسلسل الوتد..وفيروس كورونا
نقلها لكم:ساجو أند موك:


https://masteralaaa.blogspot.com/


فاجئنا التليفزيون المصري بعرض مسلسل "الوتد"،
تحفة فنية من بطولة شخصية ملهمة جدا وهي الحاجة "فاطمة تعلبة
اللي قامت بدورها الفنانة العظيمة الراحلة "هدى سلطان"،
الأحداث كانت بتدور في حقبة الخمسينات من القرن الماضي،
ومع تفشي جائحة الكوليرا في بر مصر انضربت قريتهم بالوباء القاتل،
وشارك أبناءها في نقل المصابين للحجر الصحي..

فقررت إنها تحمي أسرتها، لملت.أبناءها الرجالة وبعتت جابت بنتها المتجوزة بعيالهم وخلتهم يحرقوا هدومهم، وقفلت أبواب وشبابيك البيت بالخشب والمسامير، وطبقت عزل صحي صارم جدا عليهم كلهم في البيت، وسكنت كل واحد في أوضة وبقت بتوصل له الأكل لحد بابه، عشان تحميهم من الموت اللي كان كل يوم بيزيد في البلد وبأعداد مهولة ومش بيفرق بين غني وفقير، وأنا مش ناسي مشهد موت العمدة وهو بينازع الروح والألم اللي بيهري حشاه، ومش مستوعب إنه -الحكومة- ممكن ينتهي ويتوفى زي باقي الفلاحين العوام والفقرا، ولدرجة إن ابنه مشي ينوح في حواري وأزقة البلد على أبوه اللي ما لقاش حد يدفنه وأخدته النقطة الصحية، وطبعا المقولة التاريخية للحاجة "فاطمة" لأفراد أسرتها:

- "من هنا ورايح هناكل عيش ناشف، وجبنة من الحاصل وبصل، وكل حاجة تتغلي لما تتغلي من الغليان، وكل واحد فيكم يقرشله فصين توم، وكل واحد يسقي عياله لمون مغلي"

المسلسل دا كان قصة عظمة أوي من تأليف عمنا "خيري شلبي"، واللي معروف إن شخصية الحاجة "فاطمة" دي إنسانة حقيقية، وتبقى زوجة عم الكاتب نفسه، واسمها الحقيقي "فاطمة نوحاية" اللي فوق الصورة على شمالك، وهي نسبة لعيلة "نوح" في قرية "شباس عمير"، التابعة لمركز "قلين" في محافظة "كفرالشيخ"، والقرية دي هي موضوعي دلوقت خصوصا مع الأحداث اللي بنمر بيها ومؤثرة في خواطرنا كلنا، وصحيح غالبا ما يميل الناس للنقد السلبي، وعشان كدا تم الترويج للأحداث المؤسفة في قرية "شبرا البهو" بالدقهلية، بعد موقف أهلها الواطي جدا وتجمهرهم لرفض دفن الدكتورة المصابة بفيروس كورونا..
وعلى النقيض تماما، بنلاقي مشهد وداع مهيب من أهالي قرية "شباس عمير" لتشييع جثمان سيدة متوفية بفيروس كورونا، ودا بعد ساعات قليلة من أحداث "شبرا البهو"، كان المشهد عظيم جدا بشكل ﻻ يمكن وصفه بكلامي المتواضع، حاجة مبهرة أوي تم الترتيب لها في القرية، وكأن تربية "الحاجة فاطمة" لسة مأثرة على أهل البلد، وكلنا فاكرين مشهد موتها وهي مجمعة وﻻدها حواليها وبتوصيهم على مساندتهم لبعض ووحدتهم، وضربت مثال غاية في الروعة لما طلبت من ابنها "عبد العزيز" إنه يكسر عود الحطب فدغدغه بسهولة، وبعدين أمرته يكسر حزمة الحطب مع بعض، فحزق واتفرهد واتملص وعروقه نفرت ونهج وفي اﻵخر فشل، وشبهته بعود الحطب وهو لواحده وممكن ينكسر ويتفتفت ببساطة، لكنه وهو في حضن أخواته ومسنود بيهم وبتجميعتهم استحالة حد يقدر يهده أو يكسره.. الله

وﻷول مرة نشوف الشعارات وهي بتتحول لواقع، البداية كانت من إعلان أسرة الفقيدة عن حالة الوفاة، اللي رفع الحرج عن أهل قريتهم، فقالوا: "اللي هيحضر صلاة الجنازة مقدرين عزاءه، واللي مش هيحضر نلتمس له العذر وندعوه لصلاة الغائب على روحها".
اﻹعلان السمح القرير دا اتقابل بسماحة أكتر من أهل القرية، اللي أصروا على وصايا "فاطمة تعلبة" وإنهم ما يفرقوش وحدتهم سوا، ويكونوا على قلب بعض، سند وعزوة لبعضهم في الظروف القاسية دي، وزي ما قلت قبل كدا إن الشدة هي اللي بتكشف حقيقة معادن الناس، وبالفعل خرجت الأهالي لاستقبال الجثمان، ولكن دا تم في ظل تنسيق كامل من لجنة شكلها أطباء البلد، يعني مش همجية وخلاص..

وعلى الفيس بوك اتعمل حملة لتوعية أهالي القرية، ونشر تحذيرت صارمة بإجراءات مواجهة فيروس كورونا، ونصايح لدفن المتوفية بدون سلامات أو أحضان وبوس وخلافه، ممنوع لمس عربية الإسعاف أو محاولة خروج الجثمان منها أثناء صلاة الجنازة، وكمان طالبوهم بالحرص على التباعد لمسافة متر أو أكتر بينهم وبين بعض، والانصراف بعد الصلاة مباشرة دون صعود المقابر..

الأطباء عملوا حلقة وصل صحية بين مسؤولي الوزارة وبين أهل البلد، وتم إشراف مديرية الصحة على المشهد العام لتشييع الجثمان، ومع وصول الإسعاف اصطف الأهالي متباعدين زي ما هو واضح على يمينك في الصورة، ومنفذين تعليمات إدارة الطب الوقائي في المديرية ومراعاة الإجراءات الاحترازية، في تعاون محترم من الشرطة المحلية اللي عملوا كردون في شواارع القرية..

خرجت عشرات العشرات من الأهالي، وكانوا ﻻبسين كمامات وقفازات وزعتها صيدلية وسوبر ماركت مجانًا على مشيعي الجثمان، وأدوا صلاة الجنازة ومشيوا بعدها على طول، وسيل منهمر من الدعوات بالرحمة والمغفرة للمتوفية، وقام الدكاترة مع 4 أشخاص من أهلها بدفنها في مقابر الأسرة، بعد تنفيذهم لإجراءات الوقاية التي أقرتها إدارة الطب الوقائي بوزارة الصحة..

على الأصل دور يا صديقي، وهي دي الحكمة والمثل الوحيد اللي ممكن ناخدها من موقف القريتين، وكلنا حافظين في القصص القرآني حكاية القريتين، ومع ذلك الناس انتفضت على المثال الدنيء بتاع قرية "شبرا البهو" وتجاهلوا المثال الأصيل بتاع قرية "شباس عمير"، وعشان كدا شوفنا الناس بالآﻻف مستفزين من موقف قرية "شبرا البهو"، وبقت قرية منبوذة جدا بما اقترفه شعبها الجاهل، ودا تفسير واقعي لكلام ربنا: "وﻻ يحيق المكر السيئ إلا بأهله"..

رحمة الله على المتوفية وعلى الحاجة "فاطمة"، وإن شاء الله الأزمة مهمااشتدت هتعدي وهتسيبنا أفضل مما كنا، انشروا النموذج الرائع دا يا جماعة، الإيجابيات العظمة دي محتاجة إننا نسلط الضوء عليها، عرفوا غيركم إن الخير موجود في البلد دي وفي أهلها ليوم الدين، حسسونا إن أخلاق المصريين وجدعنتهم لسة ممدود جذورها في الأرض بتاعتنا، أكدوا إن أصالتنا وعراقتنا ﻻ يمكن حد ينتزعها من أنفسنا، احنا محتاجين نغير الصورة المغشوشة اللي بيروجوا لها عن المصريين دلوقت، احنا طول عمرنا سند ودعم وقوة لبعض، وهنفضل كدا إلى أن يرث الله الأرض وما عليها..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسعد الله اوقاتكم بكل خير

مصر تعلن رفضها القاطع ضد إثيوبيا بشأن سد النهضة

لية ربنا حرم علي الإنسان أكل من لحم الخنزير